إن أهمية الوقت معلومة عند كل عاقل؛ ذلك أن وقت الإنسان هو رأسماله، وهو عمره أيامه ولياليه، فإذا ما ضاع رأس المال، ضاعت الأرباح، وإذا عرف الإنسان ذلك، حرص على أن يستغلها ويستفيد منها وألا يضيعها، ليكون بذلك رابحا إن المسلم الملتزم بدين الله ، والذي سار على صراط الله المستقيم ، سيجد دعاة الضلال والانحراف؛ وهم واقفون على جانبي الطريق، فإن أنصت لهم والتفت إليهم عاقوه عن السير، وفاته شيء كثير من الأعمال الصالحة. أما إذا لم يلتفت إليهم؛ بل وجه وجهته إلى الله فهنيئا له الوصول إلى صراط ربه المستقيم الذي لا اعوجاج فيه ولا انحراف لا بأس أن يكتب المسلم اسمه في طرة المصحف (جانبه) مخافة اشتباه مصحفه بغيره، فقد لا يناسبه إلا مصحفه المخصص له، ولا بأس أن يكتب بعض الفوائد على الهوامش كتفسير كلمة أو سبب نزول أو ما أشبه ذلك. إن غسل أعضاء الوضوء في اليوم خمس مرات دليل على أن الإسلام جاء بما ينشط البدن وينظفه، كما جاء بما يطهر الروح ويزكيها. فهو دين الطهارة الحسية والمعنوية. تفكروا في آيات الله وكيف بسط الله عز وجل الأرض، وجعل فيها الجبال والوهاد والأودية، والمنخفضات والمرتفعات والرمال والأبطحة، والمعادن التي في جوفها والمياه، وما شابه ذلك.فلو أن الإنسان أخذ يتدبر في هذه المخلوقات وأخذ يكرر ذلك لحفظ وقته من الضياع، وازداد يقينا وقوي إيمانه، ولم تتطرق إلى عقله الشكوك والتخيلات الشيطانية.
شرح كتاب العلم من صحيح البخاري
32262 مشاهدة
كتاب أهل العلم بالعلم إلى البلدان


قال المؤلف -رحمه الله تعالى- حدثنا إسماعيل بن عبد الله قال: حدثني إبراهيم بن سعد عن صالح عن ابن شهاب عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود أن عبد الله بن عباس أخبره: أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بعث بكتابه رجلا وأمره أن يدفعه إلى عظيم البحرين فدفعه عظيم البحرين إلى كسرى فلما قرأه مزقه فحسبت أن ابن المسيب قال: فدعا عليهم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن يمزقوا كل ممزق


.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، في هذا الحديث أن النبي -صلى الله عليه وسلم- لما فتح الله عليه بلاد العرب وأهل الجزيرة رأى أيضا أن يدعو غير العرب، وكان أهل الشام نصارى يقال لهم: الروم، وأهل العراق مجوس، أهل العراق وأهل إيران وما وراء النهر يقال لهم: الفرس ولا يزالون إلى الآن يتسمون بأنهم فرس، وأن بلادهم بلاد فارس ، فكتب إلى قيصر الذي هو ملك الروم واحترم كتاب النبي -صلى الله عليه وسلم- وقبله، وهمَّ بأن يسلم ولكن خاف على ملكه فلم يدع عليه النبي -صلى الله عليه وسلم- وكتب إلى كسرى الذي هو ملك الفرس وكان مجوسيا فلما جاءه كتاب النبي -صلى الله عليه وسلم- مزقه ولم يهتم به، دعا عليه النبي -صلى الله عليه وسلم- أن يمزقه الله كل ممزق فمزق الله -تعالى- ملكه.
وذلك لأن الروم بقي لهم ملك مئات السنين استقروا في تركيا في القسطنطينية وهي إسطنبول وبقي لهم ملك، وأما الفرس انقطع ملكهم، الصحابة -رضي الله عنهم- فتحوا العراق وواصلوا فتحا فتحا إلى خراسان وإلى ما وراء ذلك حتى قتل ملكهم واسمه يزدجرد وانقطع ملكهم.
الشاهد من هذا الحديث أن النبي -صلى الله عليه وسلم- أرسل كتابه وأنهم في بعض الروايات قالوا: إنهم لا يقرءون الكتاب إلا مختوما فاتخذ خاتما نقشه محمد رسول الله ثلاثة أسطر، وختم كتابه وأرسله فقبلوا كتابه قبلوه، ولما قبلوه قرءوه ولكن غضب ذلك الملك، فاستدل بذلك على أنه تقبل الكتابات ولم يزل على ذلك المحدثون؛ إذا كان- مثلا-أحدهم في مصر كتب إليه التلاميذ الذين في المدينة أو في مكة أو في صنعاء أو غير ذلك فكتب إليهم: حدثني فلان قال:حدثني فلان إلى أن يكتب لهم الأحاديث التي عنده تأتيهم ويقبلونها، لكنهم ما يقولون: حدثنا فلان، ما يقولون:- مثلا -حدثنا الليث بن سعد عالم مصر ولكن يقولون: أخبرنا أو أنبأنا أو عن الليث ؛ لأنه ما حدثهم مشافهة هذا اصطلاح كثير منهم والبخاري يبيح ويجوز أن يقول: حدثنا وإن كان مكاتبة. نعم.